التعليم الرقمي للاجئين.. فرصة أم تحدي آخر في طريق اندماجهم؟

بعد توقف دورات الاندماج و اللغة بسبب جائحة كورونا، لجأت المدارس نحو التعليم الرقمي، لكن هذا الحل يفرض تحديات أخرى أمام اندماج المهاجرين و اللاجئين . مهاجز نيوز إلتقى بعض هؤلاء وسلّط الضوء على معاناتهم مع التعليم عن بعد.

توقفت دورات الاندماج وتعلم اللغة الألمانية بسبب جائحة كورونا وأجبر أكثر من 200 ألف مهاجر ولاجئ على قطع دورات الاندماج التي كانوا يواظبون على حضورها قبل ذلك، حسب ما أفاد به المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا (BAMF). ولأن الإنقطاع عن التعلم يعني تعثر الاندماج والإلتحاق بسوق العمل ومن أجل استمرار دورات الاندماج وعدم انقطاع المهاجرين واللاجئين عن التعليم، لجأت العديد من المدارس إلى التعليم والتدريب عبر الإنترنيت. ولهذا الغرض خصص المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين 40 مليون يورو من ميزانيته الحالية لاستمرار المدرسين الثابتين والمؤقتين في عملهم ومساعدة المدارس التي تقدم دورات الاندماج على تشغيل هؤلاء. وبهذا استطاع المكتب تأمين حوالي 7 آلاف تدريب وصفوف تدريس افتراضية على الانترنت تم من خلالها الاستمرار في تعليم نحو 83 ألف مهاجر. حل بديل من أجل مواصلة التعلم وتحريك عجلة الاندماج في زمن انتشار الوباء، غير أن هذا الحل لا يخلو من تحديات تواجه اللاجئين و قد تعيق مسارهم في ألمانيا. مهاجر نيوز كان له لقاء مع بعض اللاجئين الذين تواجههم صعوبات في التعلم عن بعد، قد تأثر سلباً على اندماجهم في المجتمع.

إقرأ أيضا:باسم ياخور فريسة سهلة لـ رامز مجنون رسمي في رمضان2020 (فيديو)

الصعوبة في تعلم اللغة الألمانية، ليست بالمشكلة الجديدة التي تواجه، محمد مصطُُفى، 43 عاماً والذي يعيش في ألمانيا منذ خمس سنوات، كما يقول:”لدي صعوبة في تعلم اللغات الأجنبية بشكل عام، والألمانية من اللغات الصعبة. لهذا أحتجت وقتا أطول لإتقان اللغة، لكن التعلم عن بعد زاد من صعوبة تعلمها”. بسبب إجراءات العزل والتباعد الإجتماعي، وإغلاق دورات الإندماج وتعلم اللغة، اضطر اللاجئ السوري الكردي، للانقطاع عن التعلم لأكثر من شهرين وبعد هذه الفترة، كان أمامه خياران لا ثالث لهما كما يقول، إما الانقطاع التام عن التعلم أو مواصلة التعلم عن بعد. ويذكر محمد أنه رغم التحاقه بالعمل التطوعي ومساعدة اللاجئين، إلا أن لغته الألمانية لم تتحسن. ورغم ذلك هو يريد تعلمها لأنه لا يريد البقاء من دون عمل في ألمانيا”.

من الصف التقليدي إلى الافتراضي

من المشاكل التي تواجه اللاجئ السوري الكردي، بطء سرعة الإنترنيت في المنطقة التي يقطن فيها.  بالإضافة إلى بعض المشاكل التقنية وصعوبة تشغيل تطبيق التعلم على حاسوبه الشخصي، مما اضطره إلى متابعة الدروس عبر الهاتف النقال، الذي لم يكن الخيار الأفضل بالنسبة له، كمل يقول:“ خلال متابعة الدروس يمكن أن تصلك في أية لحظة رسالة أو اتصال، ما قد يشتت انتباهك وتركيزك، بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل جو البيت غير الملائم عند الاضطرار إلى استقبال الضيوف في البيت بحكم العادات والتقاليد وغيرها من الأسباب”. يقول محمد أن عدد من يتابع الفصل الإفتراضي قد يصل إلى 17 شخصاً وأن المدة الزمنية للحصة تدوم ساعتين ونصف فقط وهي مدة لا تكفي للفهم والاستعياب بالنسبة له. رغم ذلك يرى اللاجئ السوري الكردي أن الفصول الافتراضية تبقى أحسن من الإنقطاع الكلي عن التعلم بالنسبة له، خاصة أن المدرسة التي يتابع بها  دروسه، أعلنت عن مواصلة تقديم الدروس عبر الإنترنيت لطلابها إلى نهاية الشهر الحالي، ولا يعلم محمد وزملائه من المهاجرين واللاجئين متى يمكنهم العودة إلى الصفوف التقليدية.

إقرأ أيضا:فوائد اللحوم للجسم ودورها في تقليل أحماض أوميغا 3

كورونا أعاده إلى الصفر

علي ( 30 عاماً ) هو الآخر تمكن من الوصول إلى مستوى لا بأس به في تعلم اللغة الألمانية، وهو ما ساعده في الحصول على عمل بدوام كامل. ومع بداية أزمة كورونا، خسر اللاجئ السوري عمله وعاد إلى نقطة الصفر، كما يقول:”بعد فقداني عملي، تقدمت بطلب للحصول على المساعدة الاجتماعية، لكن مكتب العمل تأخر بالرد كثيراً، وتلقيت إنذار من مالك السكن بسبب عدم دفع إيجار البيت وتراكمه. ما اضطرني إلى طلب دين لدفع الإيجار..بقيت حوالي ثلاثة أشهر بدون عمل إلى أن حصلت على المساعدات الاجتماعية “.بعد فترة التحق علي بأحد برامج التدريب عن بعد، وعن ذلك يقول:“ أتلقى عبر البريد رسائل على شكل وظائف منزلية وعلي حلها، ولكني أتفاجأ أنها صيغت بلغة صعبة للغاية، حتى أنني طلبت مساعدة من أصدقاء حصلوا على مستويات أعلى مني في اللغة وحتى أصدقاء ألمان لكنهم وجدوا أن لغتها صعبة”. رغم الصعوبات، لا زال اللاجئ السوري يحاول مواصلة تدريبه، والبحث عن بدائل في نفس الوقت. إذ عثر مؤخراً على فرصة تدريب آخر في مجال الحراسة والأمن، لكن هذا التدريب أيضاً يتم حاليا عن بعد ويتطلب اقتناء حاسوب شخصي وهو ما لا يمكن للاجئ السوري توفيره حاليا بسبب ظروفه المادية.

غياب التفاعل

إقرأ أيضا:فوائد الملوخية علاج آمن ل 16 مشكلة صحية بجسم الإنسان

رغم أنه يبقي من غير الواضح إلى متى سيستمر الوضع الحالي، إلا أن التعليم عن بعد، قد يكتسب أهمية كبرى في المستقبل، كما أكدت رئيسة قسم الاندماج والتماسك الاجتماعي، أوته زاومفيبر ماير، في تصريح سابق لصحف مجموعة فونكه الإعلامية بأن “الاندماج يجب أن يعتمد مستقبلا بشكل أقوى على التعليم الرقمي”. لكن التعليم عن بعد، ليس بديلا بشكل تام للتواصل المباشر الشخصي بين المدرسين والطلاب، كما ترى دلال العلي، لاجئة عراقية، تعيش في ألمانيا منذ عامين وتتابع حالياً تدريبها في مجال المعلوماتية عبر الإنترنيت. معاناتها بدأت عندما انتقلت الدروس عبر الإنترنيت، كما تقول:“ ليس فقط نحن اللاجئين وإنما أيضا الألمان الذين يدرسون معي وأتواصل معهم يواجهون نفس المعاناة. لأن جو البيت غير ملائم ولايساعد مثل الصف التقليدي على التركيز” وأضافت:“ منذ حوالي أسبوعين، أعاني من الشرح السيء للأستاذ. هناك العديد من الأساتذة الذين يمتلكون المعلومات والكثير من الخبرات، لكنهم لا يستطيعون إيصال الفكرة. الأستاذ يتكلم بسرعة شديدة وعلاوة على ذلك باللغة الألمانية، ولا أتمكن من فهم كل شيء خلال الحصة، لذا أنزعج وأكتفي فقط بتسجيل الحضور وترك الحاسوب مفتوح وأنشغل بالأشياء الأخرى بالبيت”.

بعد إنتهاء الحصة الدراسية، تحاول دلال بذل مجهود شخصي في فهم وإستيعاب المادة، لكن ذلك لا يساعدها كثيرا، كما تقول بسبب غياب التواصل والتفاعل بين الأستاذ والطلاب. وتقول:“ الصف العادي أحسن من التعلم عن بعد، لأن الطالب بالبيت قد يتشتت ذهنه بأشياء أخرى مثل الأطفال والطبخ وغيرها. قبل كورونا كنت أتابع الدروس بشكل أفضل بسبب التواصل وتطوير اللغة”.

السابق
نادين نجيم تكشف عن حبها الأبدي بصورة نشرتها
التالي
القصة الكاملة … قضية قتيل فيلا نانسي عجرم بالكامل من الألف إلى الياء